بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى أله  وسلم

قال الله تعالى (( الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون (70) إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون (71) في الحميم ثم في النار يسجرون (72) ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون (73) من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعو من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين (74) ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون (75) )) سورة غافر

النـداء الـخفى
تناثرت حوله أوراق الأيام من شجرة حياته وبرغم أوراقها الخضراء إلا أنه يشعر بأن الأغصان قد أصابها الجفاف من جراء وحدته‏..‏ سنوات طويلة ووالدته وشقيقته يلحان عليه للزواج ويرشحان له الفتاة تلو الاخري ولكنه لايقتنع بأحد أو لايريد أن يقتنع‏..‏ لايعرف‏!‏ تحسس الشعيرات البيضاء‏..‏ لا الروح لاتشيخ أبدا‏,‏ ولكن أين هي من ستحرك عواطفه الراكدة وتروي الغصن الظمآن‏.‏لازم التجهم وجهه وكأنه من كثرة ماتحكم في مشاعره ولم يفصح عن أي انفعالات تعبر عن حزن أو سعادة‏..‏ لم يعد يستطع أن يعبر عمايعتريه من مشاعر واحاسيس‏.‏
وكأنها سمعت بروحها النداء الخفي‏,‏ فظهرت في حياته لتشاركه أيامه‏.‏

جاءت للشركة يوما ترتدي ثوب الأرملة الحزينة علي زوجها الراحل الذي كان يعمل في الشركة لتسوية بعض المستحقات المتعلقة بالمعاش‏..‏ تكبره بأعوام قليلة ولكن لايهم فإن شيئا مايجذبه نحوها‏..‏ ربما النظرات‏..‏ الحزينة والرقة الشديدة في حديثها وروحها الكبيرة إنه لايعرف‏!‏
هي قد جاوزت الأربعين من عمرها وهو في الثامنة والثلاثين من عمره‏,‏ مرت شهور‏..‏ بدأت تصفو سماء حياتها من سحب الأحزان وحلت النظرات المشرقة بدلا من النظرات‏,‏ الحزينة وازداد تعلقا بها ورغم تحفظها الظاهر تجاهه إلا أنها تبدي تجاوبا مترددا لمحاولته الاقتراب منها وبدأت تستعيد حيويتها وإقبالها علي الحياة من جديد‏..‏ سعد بذلك وبدأ يتحين الفرصة لمفاتحتها برغبته في الارتباط بها‏..‏ وخصوصا أنها لم تنجب اطفالا من زوجها الراحل‏..‏ فلن تتردد كثيرا أمام عرضه متعللة بالأولاد‏.‏

تقابلا وتحدثا معا‏..‏ ثم تشابكت الأيدي والقلوب‏..‏ ولكنها أمهلته فترة من الوقت لتهيئ نفسها لحياة جديدة مرة أخري‏.‏